top of page

(( رجال النوبة : من هم ؟ وما وظيفتهم ؟ ))

  • صورة الكاتب: kont lebanon
    kont lebanon
  • 11 مارس 2021
  • 3 دقائق قراءة

وصل في فصل ( نظام الدولة ) جزء - ٢ -


قبل أن نكمل التعريف بمقامات الرجال من (( أصحاب النوبة )) رضي الله عنهم ، سألنا بعض القراء عن الوسيلة لمعرفة رجال (( أصحاب النوبة )) في بلدهم ، فإن في كل بلدة لا بد وأن يوجد فيها " قطب البلدة " ومن تحته أتباعه رجال النوبة.


أقول وبالله التوفيق : قد أجمع أهل الله تعالى أن القاعدة العامة : " معرفة الولي أصعب من معرفة الله تعالى ". وجاء في كتاب (( منية المريد )) لأحمد بن بابا الشنقيطي رحمه الله قول ابن عباد النفزي الأندلسي رحمه الله والمتوفى سنة ٧٩٢ هجري عن معرفة الأولياء ما نصه :


" لما كان الوصول إلى الله تعالى لا يكون إلا بالعناية والخصوصية ويستحيل أن يكون بطلب أو سبب ، كان أولياؤه المخصوصون بالقرب منه كذلك ، لما خلع عليهم الخلع العظيمة ، وتولاهم بمننه الجسيمة ، واصطفاهم لنفسه ، واختصهم لمحبته وانسه ، وطهر أسرارهم من أنجاس الأغيار ، وصان قلوبهم بما أودع فيها من الأنوار ، فكانوا لذلك في ضنائنه في عباده ، وخباياه في بلاده . وقد جاء في الحديث القدسي عن الله تعالى : " أوليائي تحت فنائي لا يعرفهم أحد غيري "، وهذا من غيرته عليهم لأن الحق تعالى غيور على أوليائه من أن يظهرهم إلى من (( لا يعرفهم )) ، فلم يجعل لأحد دليلاً عليهم من حيث الدليل عليه ، ولم يوصل إليهم إلا من أراد أن يوصله إليه ، لأنه يلبسهم لباس التلبيس بين الأنام ، ويظهرهم بما يحقرهم في أعين الخواص والعوام ، فلا يكون لأحد دليل عليهم ، أو وصول بسبب إليهم. " أنتهى


أقول : فالأمر متعلق بالاعتقاد ، ومن لم يعتقد لم ينتفع . ولهذا ترى كثيراً من المنتسبين للطرق الصوفية من يدعي قطبية او ولاية شيخه من غير دليل ، بل مصدره إحسان الظن بالشيخ أو الاعتقاد السليم كي يحصل له الانتفاع ، ومنهم من يرى رؤيا حق تنبهه على ولاية شيخه أو رجل من بلدته أو خارج بلدته أو قطره ، كرؤية النبي صلى الله عليه وسلم يدله على قطب البلدة أو رجل من الصالحين أو على وارثه صاحب الوقت، ومنهم من يستدل على ولي من أولياء الله عن طريق إجماع صالحي بلدته على ولاية هذا الرجل في عصره، فقد قال صلى الله عليه وسلم : (( ألا أخبركم بخياركم ؟ قالوا بلى يا رسول الله. قال : الذين إذا رؤوا ذُكر الله )) [ أخرجه أبو نعيم في الحلية ] .


وقد قال بعض أهل الله تعالى : " إذا أراد الله أن يُعرفك بولي من أوليائه طوى عنك وجود بشريته ، وأشهدك وجود خصوصيته ، ومن لم يرد الله به ذلك ، عميت عليه في تلك الخصوصية الأنباء ، وانطمست بينه وبينها المسالك فافهم. ".

ونختم هذا المنشور بنقطة مهمة ودقيقة لجميع المهتمين بمعرفة الأولياء الصالحين من رجال النوبة في بلدهم ، وهي أن كل قاصد إلى الولي من المريدين لا يرى إلا ما هو متلبس به في باطنه ، لما ذكره صاحب كتاب ( الذهب الإبريز ) عن شيخه القطب السيد عبد العزيز الدباغ رضي الله عنه من " أن الولي الكامل يتلون على قلوب القاصدين " ، فكل من قصد الولي معتقدا فيه الكمال ، مصدقاً بما منحه الله تعالى من سنى الكرامات والأحوال ، كان جزاؤه من المولى الكبير المتعال أن لا يريه منه إلا ما يشرح له الصدر وينفسح به البال ، وكل من قصده معتقدا فيه غير ذلك لا يرى إلا ما يسوءه ويستهويه في الردى والمهالك جزاء وفاقا.


ولكي نقرب للقارئ ما نعني بهذه الخاتمة ، أحببت نقل قصة عجيبة رواها السيد محمد مهدي آل خزام الصيادي الرفاعي الثاني والشهير بالرواس قدس سره والمتوفى سنة ١٢٨٧ هجري في كتابه ( بوارق الحقائق ) عن اساءة الظن بأحد (( أصحاب النوبة )) في مصر المحروسة حيث قال قدس سره :

"وبلغني من رجل من (( أصحاب النوبة )) بمصر اسمه السيد عبد الرحيم أنه خطب امرأة ثيبة من أهل المحلة لنفسه فامتنع اخوها من اعطائها له. فقيل له في ذلك فقال: هو يأكل الحشيشة. قيل له: ارأيته؟ قال: ظاهر هذا بعينيه. قيل له: هو رجل صالح. قال: لو كان صالحا ما كان هذا الإحمرار بعينيه. وهذا من العجائب على أن بعض بعض القوم ذكر أن احمرار العينين من علامات الصلاح وصدق الحال. وما ذلك إلا ليميز الله الخبيث من الطيب. وإذا امتحن الله بعض أحبابه بحال من هذا فلا بد للأمر في باطنه من فقه حسن يعود لصالح العبد المحبب في دينه أو دنياه حالا أو استقبالا فالحمد لله رب العالمين"

يتبع ...

 
 
 

أحدث منشورات

عرض الكل
الحلقة الرابعة

وقفة تأمل: يقول السيد الرواس قدس سره في كتابه "الحكم المهدوية الملتقطة من درر الإمدادات النبوية": ….. و أول ما يجرِّيء الأمة على إهمال...

 
 
 

Comments


الاشتراك للحصول على التحديثات

 :تواصل على
موقع 
  • YouTube - Black Circle
  • Facebook - Black Circle
  • Twitter - Black Circle
bottom of page